كيفية صلاة خسوف القمر

يُقصد بالخسوف ذهاب ضوء القمر كلياً أو جزئياً، وإن ترادف الكسوف بالخسوف يُقصد بهما انجلاء الضوء وذهابه، وإن اختلفا دلّ الكسوف على تغيّر الحالة، ودلّ الخسوف على ذهاب الضوء، فهما من الألفاظ التي إن اجتمعت افترق معناهما وإن افترقا دلّ كلٌّ منهما على معنى الآخر، وقد ورد ذكر ظاهرَتَيْ الكسوف والخسوف في السنّة النبوية من غير تفريقٍ بين الكلمتين

كيفية صلاة الخسوف :

ورد في صفة صلاة الخسوف ثلاث كيفياتٍ بيّنها العلماء فيما ورد عنهم، وتجدر الإشارة إلى أنّ أي كيفيةٍ تُجزئ في الأداء، وفيما يأتي بيان تلك الكيفيات:

الهيئة الأولى: تؤدّى ركعتان على هيئة الصلوات المكتوبة الثنائية؛ كصلاة الجمعة وصلاة الفجر،وقد اكتفى الحنفية بهذه الهيئة لصلاة الخسوف؛ فهي عندهم ركعتان كهيئة صلاة النافلة، لعموم قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ)، والصلاة المعهودة في الأذهان هي الصلاة الاعتيادية، وهذا ما استنبطه الحنفية من الأحاديث التي تُفيد بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صلّى بالناس ركعتين دون بيان الكيفية؛ ممّا يعني بأنّها الكيفية المعروفة في غيرها من الصلوات.

الهيئة الثانية: ركعتان دون تطويلٍ مع زيادة ركوعٍ في كلّ ركعةٍ، فيقرأ المصلّي الفاتحة وما تيسّر من القرآن ثمّ يركع وينهض منه، ثمّ يقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن ويركع مرةً أخرى وينهض من الركوع الثاني، ثم يهوي ساجداً، وبعد إتمام السجدتين والقيام يفعل في الركعة الثانية ما فعل في الأولى دون إطالةٍ.

الهيئة الثالثة: تُشبه الهيئة الثانية في الأفعال، إلّا أنّها تختلف عنها في تطويل القراءات وتطويل الركوع والسجود، ودليل ما سبق حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي وصف صلاة الكسوف التي صلّاها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (خَسفَتِ الشَّمسُ فصلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والنَّاسُ معَه فقامَ قيامًا طويلًا بنحوٍ من سورةِ البقرةِ). إن الأكمل لمصلّي صلاة الخسوف أن يُطوّل؛ ويصيب السنة التي نقلها ابن عباس في الحديث السابق، وذلك بأن يقرأ في القيام الأول سورة البقرة، وفي القيام الثاني يقرأ سورة آل عمران، وفي الركعة الثانية يقرأ سورة النساء في قيامها الأول، وفي قيامها الثاني يقرأ سورة المائدة، ويطيل التسبيح في الركوع والسجود، فالتطويل والأناة في صلاة الخسوف تشملانهما، فيسبّح المصلي بمقدار مئة آية من سورة البقرة في الركوع الأول، وبمقدار ثمانين آية في الثاني، والركوع الأول من الركعة الثانية بمقدار سبعين آية، والركوع الثاني بمقدار خمسين آية